السنة 3
كتبة السنة من الصحابة
كان الصحابيالجليل عبد الله بن عمرو بن العاص
من أكثر الصحابة كتابة عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم ؛
فقد وردعن أبي هريرةرضي الله عنه أنه قال:
"ليس أحدٌ من أصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم
أكثر حديثًا عن النبيصلى الله عليه وسلم منِّي،
إلاَّ ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاصفإنه كان يكتب ولا أكتب" .
وقد قال عبد الله بن عمرورضي الله عنهما عن نفسه:
كنتُ أكتب كلَّ شيء أسمعه من رسول اللهصلى الله عليه وسلم
أريدحفظه، فنَهَتْنِي قريش، وقالوا:
تكتب كلَّ شيء سمعته من رسول الله،
ورسول اللهصلى الله عليه وسلم بشرٌ،
يتكلم في الغضب والرضا؟!
فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول اللهصلى الله عليه وسلم ،
فأومأبإصبعه إلى فيه، وقال:
"اكْتُبْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنْهُإِلاَّ حَقٌّ"
كما كان عبد الله بن عباسرضي الله عنهما
من الستَّة المكثرينفي الحديث.
والخمسةُ الباقون هم: أبو هريرة، وجابر بن عبد الله الأنصاري،
وعبد اللهبن عمر، وأنس بن مالك، وعائشة بنت أبي بكر
. وقد بلغ مجموع ما رواه ابن عباس 1660حديثًا،
اتَّفق البخاري ومسلم على خمسة وتسعين حديثًا،
وانفرد البخاري بمائةوعشرين حديثًا، وانفرد مسلم بتسعة وأربعين حديثًا،
وبقية الأحاديث في كتب السننالأخرى، ورغم المدَّة الزمنية القصيرة التي عاصرها ابن عباسرضي الله عنه
لرسول اللهصلى الله عليه وسلم وهيثلاثون شهرًا- إلاَّ إنه استطاع أن يجمع كلَّ هذا العِلْم فيالسنةالنبويَّة. ويُعَدُّ أبو هريرةرضي الله عنهأكثر الصحابة حديثًا وحفظًا،
وقد أورد الذهبي أن عدد الصحابة الذين رَوَوُا الحديث
عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم نحوألف وخمسمائة،
وقد كان كثير من الصحابةيأمر تلاميذه بالكتابة لتثبيت حفظهم،
ثممَحْوِ ما كتبوه حتى لا يتَّكل على الكتاب.
قال الخطيب البغدادي:
"وكان غير واحد منالسلف يَستعِين على حفظ الحديث بأن يكتبه،
ويدرسه من كتابه،
فإذا أتقنه محا الكتاب،خوفًا من أن يَتَّكل القلبُ عليه،
فيُؤَدِّي إلى نقصان الحفظ، وترك العنايةبالمحفوظ".