أدخل بريدك الالكتروني ليصلك جديدنا

الأحدث

كلمة الإدارة





«۩۞۩-المـنـتـدى الـــعــــام-۩۞۩» أقلام تُحآوُرُ آلوُآقـع بِتجددً مُستـمـر للمْوآضيـعّ التـْي لآتحمـّل تصـْنيًف مـُعينّ.دون الخوض في الامور السياسيةوالحزبيةاوالطائفية


الدين والعقل

قاربان للنجاة لا ثالث لهما، ونوران يضيئان للإنسان طريق السعادة والخير ليصل إليهما، دليلان متعاونان متحالفان، ونوران يخرجان من مشكاة واحدة، لا تعاكس بينهما ولا تنافر، ولا اختلاف بينهما ولا


أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-23-2007, 11:35 PM   #1

abdelatif31 غير متواجد حالياً
 
الصورة الرمزية abdelatif31
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 22
معدل تقييم المستوى: 0
abdelatif31 قلم جديد

عرض ألبوم abdelatif31

الإضافة

 خدمة إضافة مواضيعك ومشاركاتك  إلى المفضلة وإلى محركات البحث العالمية _ أضغط وفتح الرابط في لسان جديد وأختر ما يناسبك   

 

الدين والعقل

ملفي الشخصي  إرسال رسالة خاصة  أضفني كصديق


[align=justify]قاربان للنجاة لا ثالث لهما، ونوران يضيئان للإنسان طريق السعادة والخير ليصل إليهما، دليلان متعاونان متحالفان، ونوران يخرجان من مشكاة واحدة، لا تعاكس بينهما ولا تنافر، ولا اختلاف بينهما ولا تناكر، إذا حظي الإنسان بأحدهما، أخذه بيده ودله على الآخر، فإذا اجتمعا كملت النعمة وتمت المنة.
هما هبة الله للإنسان وهديته إليه، ألا وهما العقل والدين، العقل المفكر الدارس، والدين النقي من أخلاط الجهالة والتعصب والتزمت، الدين الذي يحث العقل على اليقظة والتفكير، والفهم والتدبير، دين الله وشرائعه التي تقول:
(يُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعْلَمون) ـ سورة يونس: الآية 5 ـ والتي تقول: (كذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لكُمْ آياتِهِ لعَلَّكُمْ تَعْقِلونَ) ـ البقرة: الآية 242 ـ ويقول أيضاً: (كذلِكَ يُبَينُ اللهُ لكُمُ الآياتِ لعَلَّكُمْ تَتَفكَّرون في الدُّنيا والآخِرَة) ـ البقرة: الآية 219 ـ
في أي شيء نتفكر؟ وعن أي شيء نبحث ونفحص، يقول القرآن العظيم: (لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة). أي في حياتكم الجسدية الأرضية وما يستتبعها من علوم ومعارف، وزراعة واقتصاد، وقوة وجهاد، وصحة ومال: وتتفكرون أيضاً في حياتكم الروحية الكاملة، وما يلزمها من فضائل وأخلاق وأداء واجبات العبودية، وصلة الروح الإنسانية بنور الله العظيم الخلاق.
لقد استيقظ العرب الأولون من سباتهم العميق الجاهلي، ونومهم الثقيل الوثني على صوت القرآن ووحي السماء، فسلموا أيديهم إليه، وما هي إلا برهة يسيرة، حتى أحيا فيهم القرآن العقل الناضج، وأشعل فيهم نور الفكر السليم الثاقب، وما زال العرب سائرين بهدي الوحي والعقل ومستنيرين بنورهما الكشاف لحقائق الحياة، حتى ظفروا بالعلم وقطفوا من أشجاره ثمار الحكمة والمعرفة، فهدتهم آيات القرآن، وأنوار العقل والعرفان، إلى الوحدة والتحرر، والأخلاق والفضائل والعلوم والمعارف، والفتوحات الإنسانية الحرة، التي حققوا بها أعظم جامعة إنسانية بشرية موحدة، في قارات آسيا وأفريقيا وأوربا، جامعة إنسانية تنعم بالعدالة والمساواة، وبالقوة وبالعظمة وتجمع الإنسان الأبيض والأسمر والأسود والأصفر، تحت لواء التعاون والمؤاخاة والحرية العقلية والفكرية والدينية والمساواة، فكان المجتمع القرآني، أسعد مجتمع حظيت به الإنسانية بالرخاء والسعادة والحياة، حيث تفتحت لها أبواب العلوم المختلفة، من طب وصيدلة وفلسفة وهندسة، وعلوم الحيوان والنبات والطبيعة وعلوم الضوء والفلك وغيرهما من العلوم.
ثم نام العرب والمسلمون نومتهم، ثم نستيقظ الآن، فماذا نرى وماذا نشهد، نبصر أمماً تحلق في السماء وتغوص في أعماق الماء وتتكلم بسلك وبلا سلك، ويفجرون ينابيع العلوم والمعارف، ويستخرجون كنوز الأرض ومعادنها الدفينة ويتقاسمون الشعوب والأمم بينهم نفوذاً وسيطرة، كل ذلك من رشحات العقل المفكر والفهم المدبر، الذي ساق بعضهم إلى إيجاد السوق الأوربية المشتركة، والبعض الآخر إلى ضم شعوب وأمم، في بوتقة واحدة باسم الاتحاد السوفياتي وبعضاً آخر باسم رابطة الشعوب البريطانية، مع اختلاف هذه الشعوب لوناً وجنسية وقارة وديناً، مع إنفاق هذه الشعوب والأمم آخر درهم وفلس في التصنيع والاقتصاد والعلوم.
كل هذا والعرب والمسلمون دول شتى وجنسيات مختلفة، وحفاظ وحراس على سلامة وقدسية حدود، خططها لهم الاستعمار الماكر، والعدو الظالم الفاجر، وأنانيات تتحكم دون الوحدة والاتحاد، تمكر وتراوغ، وقصور ألف ليلة وليلة، غارقة في البذخ والترف وقناطير المال في سجون الأشر والبطر، والبخل والشح، محبوسة عن التصنيع وعن الشعوب، سادر أصحابها في سبات لهوهم ومجونهم، غارق أربابها في بحار لذاتهم الرخيصة وشهواتهم البهيمية، هذا ومركبة الفضاء الروسية تحيط بكرتنا الأرضية طائفة سابحة متكلمة وسامعة، ومشاهدة وشاهدة، كأن آية القرآن هذه وهي قوله تعالى:
(قُلْ انظُروا ماذا في السَّموات والأرْضِ) ـ يونس: الآية 101 ـ كأنها نزلت على الروس وكأن قوله تعالى وكلمته هذه:
(كذَلِكَ يُبيِّنُ الله لكمُ الآياتِ لعلكُمْ تتفَكرونَ في الدُّنيا وَالآخِرَةِ) ـ البقرة: الآية 219 ـ نزلت على الأمريكان والأوربيين، وكأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: {ليس مني إلا عالم أو متعلم} ـ رواه الديلمي عن ابن عمر ـ كأنه خاطب به غير العرب والمسلمين، لقد تقدمت الشعوب والأمم، والعرب والمسلمون أنواع منوعة، منهم من يفهم أن الحياة جمع الأموال وكنزها وحبسها في سبيل مصالحهم الخاصة، وشهواتهم الحيوانية، ومنهم من يفهم الرقي والتقدمية، أنها خمر ومجون وتنكر للأخلاق والفضائل، ومنهم من يفهم أن الإسلام صلاة وصيام وعبادة فحسب، ولا شأن للإسلام بأمور الحياة الدنيا، ضارباً عرض الحائط بقوله تعالى: (لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة) ومتجاهلاً أو أعمى عن أمر الله القرآني:
(قُلْ انظُروا ماذا في السَّموات والأرْضِ) ـ يونس: الآية 101 ـ متناسياً تاريخ العرب الأغر وسيرة المسلمين الأولين، وكيف فهموا الإسلام أنه دين ودولة وثروة وقوة وتضحية وجهاد وإنسانية ورحمة، هذا الفريق من المسلمين لعلهم لا يعلمون أن كبار الأوربيين المنصفين، أعلنوا على رؤوس الأشهاد، أنهم تلامذة آبائنا الأولين، وأن الحضارة والعلوم الأوربية إنما هي بنت الحضارة والعلوم الإسلامية.
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة أو كنت تدري فالمصيبة أعظم
إن الحوادث والكوارث قد أيقظت العرب وأفاقتهم من رقدتهم الطويلة، وهاهي معظم الشعوب العربية والإسلامية قد استقلت وتمتعت بحريتها السياسية وهاهو الاستعمار يلفظ أنفاسه الأخيرة في الجزائر وتونس وعمان، وهاهو التحرر العربي الاقتصادي يطرد الاستعمار، كما نرى حملة العلوم والتصنيع قائمة على قدم وساق بفتح الجامعات والكليات المختلفة المتنوعة، وهاهم أبناؤنا الطلاب في معسكرات الفتوة والبطولة يتدربون على صناعة الموت للأعداء والمستعمرين وها نحن نقاتل الاستعمار في عمان والجزائر وتونس.
وها نحن نشهد إخوتنا شباب جبل العرب والعلويين وإخوتنا شباب السلمية، في حدائق الجامع الأزهر يتنـزهون في رياضه، ويتنعمون برحيقه وأزهاره فما علينا إلا أن نكون روحاً واحدة في أجساد متعددة، ونقدم مصلحتنا العامة على المصالح الخاصة، ونؤثر على أنفسنا ولو كان بنا خصاصة وأن نسأله تعالى أن يتمم علينا إيماننا وإسلامنا الذي يجمع لنا قوة العقل والعلم وإلى جانب قوة الإيمان والإسلام. والسلام
[/align]



hg]dk ,hgurg


أكتب تعليق على الموضوع مستخدماً حساب الفيس بوك

تسهيلاً لزوارنا الكرام يمكنكم الرد ومشاركتنا فى الموضوع
بإستخدام حسابكم على موقع التواصل الإجتماعى الفيس بوك


قديم 12-23-2007, 11:58 PM   #2


رشيد برادة غير متواجد حالياً
 
الصورة الرمزية رشيد برادة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
الدولة: الدار البيضاء
المشاركات: 37,738
معدل تقييم المستوى: 10
رشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديدرشيد برادة قلم جديد
مؤسس الموقع  
/ قيمة النقطة: 0
الإدارة العامة  
/ قيمة النقطة: 0
مجموع الأوسمة: 2 (المزيد» ...)

عرض ألبوم رشيد برادة

الإضافة

 خدمة إضافة مواضيعك ومشاركاتك  إلى المفضلة وإلى محركات البحث العالمية _ أضغط وفتح الرابط في لسان جديد وأختر ما يناسبك   

 

ملفي الشخصي  إرسال رسالة خاصة  أضفني كصديق

 http://www.hanaenet.com/vb/images/welcome/47.gif

[align=center]وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الاسلام دين العقل
لو تمسك المسلمون بإمانهم وإتبعوا ما تركه لنا سيد الخلق
عليه أزكى السلام لما وصل حا ل المسلمين إلى ما هو عليه الأن
وحين أعطى الله لنبيه محمد القرآن، فإنه أعطاه وأعطى للدنيا بذلك نبوة هداية، ترشد العقل بالبينة والفهم والموعظة الحسنة
موضوع جليل وقيم للغاية ودسم وقابل للنقاش وتبادل الرأي
بارك الله فيك أخي عبد اللطيف
ومرحبا بك قلما ساطعا بإذن الله
[/align]

 http://www.hanaenet.com/vb/images/welcome/18.gif



قديم 12-24-2007, 12:49 AM   #3

MAROUA غير متواجد حالياً
 
الصورة الرمزية MAROUA
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 1,109
معدل تقييم المستوى: 18
MAROUA قلم جديد

عرض ألبوم MAROUA

الإضافة

 خدمة إضافة مواضيعك ومشاركاتك  إلى المفضلة وإلى محركات البحث العالمية _ أضغط وفتح الرابط في لسان جديد وأختر ما يناسبك   

 

ملفي الشخصي  إرسال رسالة خاصة  أضفني كصديق

[frame="6 80"]مشكور اخوي عبد اللطيف على طرحك المميز والجد الرائع والذي يجمع بين العقل والدين. وما اروع الانسان ان انعم الله عليه بالعقل والدين فتلك هي الحياة السعيدة والطريق النير والمفتاح في سبيل العيش الرغيد.
نشكر اختيارك فهو حقا يستحق القراءة.
تحياتي : مروة
[/frame]


قديم 12-24-2007, 07:39 AM   #4

bayood غير متواجد حالياً
 
الصورة الرمزية bayood
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
الدولة: casa
المشاركات: 3,807
معدل تقييم المستوى: 21
bayood قلم جديد

عرض ألبوم bayood

الإضافة

 خدمة إضافة مواضيعك ومشاركاتك  إلى المفضلة وإلى محركات البحث العالمية _ أضغط وفتح الرابط في لسان جديد وأختر ما يناسبك   

 

ملفي الشخصي  إرسال رسالة خاصة  أضفني كصديق

[align=center][align=center]لعل أكثر ما شغل الوعي الديني، الإسلامي – المسيحي بالتحديد، هو اشكالية العلاقة بين الدين والعقل. حيث تنازع داخل الجهود الكلامية في الاسلام والدفاعية (Apologetics) في المسيحية اتجاهان: احدهما يعمل على عقلنة الحقيقة الدينية، أي جعلها قابلة أن تعقل وتبرر وتأخذ من العقل كل الزاماته وضروراته المنطقية، فكانت مقولة كل عقلي شرعي وكل شرعي عقلي، ومقولة "أعقل لأؤمن". والاتجاه الآخر يعمل على تديين الحقيقة العقلية، أي سلب استقلالية العقل في تقرير ذاتية القيمة الاخلاقية ونزع الضرورة عن أية فكرة مستنبطة، فكانت فكرة "أؤمن لأتعقل" (أوغسطين) أي الإيمان يقرر حقيقة عقلي، وفكرة ان الدين (المسيحي) هي الفلسفة الوحيدة الحقيقية كما يقول بولس ومن بعده اوغسطين، وفكرة أن الحسن والقبح شرعيان أي ان الدين يقرر بنحو حصري اخلاقية اي فعل وسلوك إنساني.
وعندما جهدت الفلسفة ان تشق لنفسها مساحة حراك فاعل داخل فضاء الفكر الديني، عملت من جهة على شرعنة النشاط الفلسفي بالدليل الديني، عبر الكشف عن الحقيقة العقلية الكامنة في جوف الفكرة الدينية. يقول ابن رشد في فصل المقال: "نعلم على القطع انه لا يؤدي النظر البرهاني إلى مخالفة ما ورد به الشرع فان الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له"، الا انها وبعد انفجار الأزمة بين الثقافة المؤسسة على المعطى الديني والثقافة المؤسسة على بديهيات العقل وآليات البرهان، عملت الفلسفة على إيجاد مساحة نشاط خاص بها يحمل مشروعيته من داخله، عبر فض النزاع والتداخل بين مجالين معرفيين يختلفان في طبيعة موضوعاتهما وآليات عملهما: المجال الديني القائم على الوحي الذي يقدم حقائق ناجزة ليس للعقل صلاحية تقرير صدقها او كذبها، والمجال العقلي القائم على بداهات واوليات لا يملك الدين صلاحية تقرير او سلب الضرورة والشمول عن قضاياها.
يقول ابو سليمان المنطقي السجستاني: "الفلسفة حق ولكنها ليست من الشريعة في شيء، والشريعة حق ولكنها ليست من الفلسفة في شيء، ويقول توما الاكويني: "العقل لا يختلط موضوعه بموضوع النقل، فالعقل يشتق مبادئه مما غرس فيه من مبادىء عقلية والنقل يلجأ إلى الكتب المقدسة، لذلك لا بد أن ينضاف النقل إلى العقل من اجل تحقيق كل مضامين الحقائق الخاصة بالإنسان".
نجحت الفلسفة بنسب متفاوتة في الفضاء الإسلامي والمسيحي معا، ان تحرر الفكر من مسبقات ومصادرات عقائدية وان تنتزع لنفسها اعترافا بمساحة نشاط ووعي مستقلين، الا انها بالمقابل رسخت ثنائية قاطعة بين المجال الديني والمجال العقلي، وكأن العالم يقوم على فعاليتين مستقلتين في تنظيم الوجود وضبط حقائق الكون: إرادة كائن أسمى أتعرف على مراده بالوحي وقوانين ومبادئ كلية، وكأن هنالك مصدرين منفصلين ومتجاورين للمعرفة يقوم عبرهما عالميا حقيقة منفصلا، معرفة وحي أُقبل عليها بخشوع وإذعان وتعبد، ومعرفة عقل يلومني بحتمياته وشموليته.
وهنا نسأل: هل حقائق العقل أو الدين هي سمة الكون الأزلي، أو صفة الوجود السرمدي، أتلقاها أو أكتشفها كجزء من نظام الكون والوجود لا املك صلاحية النظر فيها؟ وهل ثنائية العقل والدين هي ثنائية منطقية، تشكل شرطا لمعرفية أي فعل معرفي؟
كان إنسان ما قبل اليونان يرى نفسه في وحدة متناغمة مع العالم، فلم يكن هنالك طبيعة وإنسان متقابلان او متواجهان، بل كانت ظواهر الطبيعة عنده تجارب إنسانية وكانت التجارب الإنسانية عنده حوادث كونية. جاء اليوناني، وفي مسعى لجعل الطبيعة ميدان نظر وتفسير وتصور وبالتالي مجال سيطرة وتسخير، ليعلن على لسان هرقليطس بوجود اللوغوس او العقل الكوني والقانون الكلي الذي يحكم الظواهر ويتحكم في صيرورتها الدائمة الأبدية، ثم من بعده اناكساغورس ليرى في النوس اي الروح، القوة المحركة التي أخرجت الكون من حالة العماء والخليط المعطل إلى حالة التركيب والنظام. بهذه القفزات التأويلية للكون، استقر الفكر اليوناني على اعتبار العقل قوة تبث النظام في الطبيعة عبر علاقات السببية Reason فلا مجال للصدفة فيها، وعلى اعتبار الإنسان قبسا من هذا العقل الكلي الذي يكتشف به نفسه ككائن عاقل قادر على إدراك النظام والتركيب في الأشياء.
ورغم ثورة الفكر الاوروبي على القديم، ظل هذا الفكر متمسكا بفكرة الكوني متصورا اياه على انه القانون المطلق للعقل البشري. فالعقل قائم بذاته والعلاقة بينه وبين الطبيعة تقوم على المطابقة والمساوقة. يقول مالبرانش: العقل الذي تهتدي به هو عقل كلي دائم وضروري وثابت ولا يختلف عن الله. وقد حاول ديكارت الفصل بين العقل والطبيعة بإرجاعهما إلى طبيعتين مختلفتين: الفكر والامتداد، ألا أن اسبينوزا أعاد توحيد العقل والطبيعة معا، بقوله إن العقل والطبيعة مظهران لحقيقة واحدة وهي الجوهر، حيث لا صدفة ولا امكان بل عقل كلي شامل هو ذاته العقل الكوني المحابث للطبيعة والمنظم لها.
ورغم ان ديفيد هيوم قد احدث تصدعا في مفهوم العقل التقليدي، عبر سلب الضرورة الموضوعية عن العلاقة بين الاشياء وتحويلها إلى حالة سيكولوجية ينتجها التكرار والعادة في تعاقب الظواهر اثر بعضها البعض. الا ان صدمة العقل المفصلية كانت مع ايمانويل الذي اكتشف المتناقضات العقلية في البراهين اللاهوتية والكسمولوجية ، الامر الذي دفعه إلى اعادة انتاج خارطة عقل جديدة، فلم يعد العقل كائناً قائماً بذاته ولا عبارة عن مبادئ فطرية كما ادعى ديكارت، بل اصبح جملة قوالب قبلية (صورتا الزمان والمكان والمقولات) فارغة تملأها الحدوس الحسية لتحولها إلى معرفة، لم يعد العقل بذلك منظماً للكون والوجود بل أصبح منظماً للتجربة الإنسانية فقط، التي تتقوم بمعطيات حسية ينظمها ويقولبها التكوين الذهني للإنسان وبالتالي أصبحت المعرفة عبارة عن معطيات حسية مؤطرة، لا يمكنها ان تطل على كل عوالم الماوراء. عندها دعا كانط للمرة الاولى إلى تواضع الفلسفة وبالتالي إلى تواضع العقل، ليقول ان المعرفة اليقينية لا يمكنها ان تتجاوز عالم الظاهر. اما الشيء في ذاته فلا يحق للعقل الوصول اليه او التعبير عن حقيقته، وبالتالي فإن العقل عاجز عن الكشف عن كليات الكون وعن اي نظام من نظمه.
حاول هيغل تجاوز تلك المعضلة بأن وحّد بين الظاهرة وبين الشيء في ذاته، عبر التوحيد بين ما هو عقلي وما هو واقعي او موضوعي، أصبح العقل عبارة عن تجليات تاريخية وأصبح النشاط الإنساني بما فيه الدين تمظهرات عقلية متحركة، اي أصبح العقل ميدان فعالية إنسانية. مع كانط وهيغل تأنسن العقل.
مع الكونتم فيزياء ومسألة النسبية، اتجه العلم نحو الكاوسية، ناقضاً بذلك فكرة الثبات والنظام والشمولية التي ميّزت مقولات العقل التقليدية، اصبح الكاوس (Chaos) او اللانظام هو حالة الكون التي تقابل حالة النظام اللاهوتانية او حالة النظام الطبيعي الكلي (الأرسطي). والكاوس هنا لا يعني الفوضى المطلقة، بل يعني ان الكون لم يعد مجموعة ظواهر منتظمة متناغمة ومتسقة، بل مجموعة من منظمات دينامية متداخلة ومركّبة بطريقة معقدة جداً وفائقة الحساسية. أصبحت فكرة الظاهرة البسيطة المسطحة افتراضاً نظرياً لا وجود له وأصبحت النظرة الخطية الطولية القائمة على تسلسل العلل والأسباب تذويباً للظاهرة وافقاراً للكون.
هذا فرض إعادة النظر في مفهوم العقل ذاته، فلم يعد مبادئ فطرية بحسب ديكارت، او قوالب بحسب كانط، بل أصبح أداة وفعالية، أصبح القدرة على القيام باجراءات حسب مبادئ ونشاط منظم او لعب حسب قواعد. لم تعد القواعد التي يعمل بها العقل، كما يقول جول لومو، هي التي تحددها وتعرفه، بل أصبحت القدرة على استخلاص عدد لا نهائي منها هي التي تشكّل ما هيته، ولم تعد العقلانية تقتصر على مطابقة مبادئ العقل مع قوانين الطبيعة، بل اصبحت عبارة عن القدرة على بناء منظومات تتسع لتشمل مختلف الظواهر". تبين ان العقل هو الفعالية التي تقف وراء المبادئ والقوانين الفكرية كلها، والتي يسميها لالاند بالعقل المكون (يالكسر)، فلم تعد المعرفة فعل تلق او اكتشاف بل أصبحت فاعلية إنسانية، وأصبحت الفلسفة كما يراها جيل دولوز ابداعاً للمفاهيم، اي لم يعد نشاط المعرفة العقلية متجهاً نحو معرفة المبادئ الاولى او البحث الطوبائي عن الحقيقة، بل انتقل إلى حيّز ادوات البحث، ولم تعد مفاهيم الفلسفة مفردات للحقيقة بل أصبحت أدوات او مفاتيح تتعامل مع أجواء الحقيقة.
في هذا المناخ المفعم بتصدعات العقل الكلي والشمولي، انطلقت اكثر فلسفات القرن العشرين، لتستعيد الابعاد المنسية والمغيبة من الوجود الإنساني. فكانت فلسفة الحياة التي تصدرها برغسون عبارة عن إعادة إنتاج تجربة الإنسان مع نفسه ومع الأشياء، بعدما تبين له ان العقل التصوري هو أداة تجزئة ومنفعة وصناعة وليس اداة معرفة حاسمة. اراد برغسون ان يكشف عن المعطيات المباشرة للشعور، بالهبوط إلى باطن ذواتنا وتكوين تلك الرؤية التي هي عبارة عن مشاركة وجدانية ننتقل عن طريقها إلى باطن الموضوع لكيما نندمج مع ما في ذلك الموضوع من اصالة فريدة، وبالتالي مع ما ليس في الامكان التعبير عنه عقلياً. يقول برغسون: "ان المسألة العليا في الفلسفة هي الانتقال من المطلق الصوري إلى المطلق العيني الحي، من فكرة الله إلى الله".
ثم كانت الفلسفة الوجودية، التي افتتحها هيدغر بقوله: "ان افضل ما تفعله الفلسفة، هو ان تدع جانباً ادعاءاتها المجنونة لتفسير العالم معقولاً وان تركز اهتماماتها على الإنسان فتصف الوجود الإنساني كما هو". قالباً بذلك القول الديكارتي الشهير: "أنا أفكّر، إذن، أنا موجود" إلى القول: إنني، اولاً وقبل كل شيء، موجود؛ إذن أنا أفكّر"، ورابطاً للمرة الأولى بين الحقيقة وتفتح الوجود البشري بحرية. فالإنسان يمتلك الحقيقة بمقدار ما يكون حراً، ويكون حراً بمقدار ما يكون منفتحاً على الأشياء كما هي، أي أن يتركها لتكون على ما هي عليه، فلا يعيد تشكيلها وانما يدعها تتفتح عليه بنفسه وينقاد لظهورها. بهذا لا يبقى الفكر تعبيراً عن الوجود وتمثيلاً له، لانه بذلك يحجبه ويخفيه، بل يصبح الفكر هو فعل ظهور وتفتح الاشياء.
مع مفكري ما بعد الحداثة، انتقل البحث من التفكير في الحقيقة، إلى البحث في خطاب الحقيقة نفسها وفي كشف شبكة العوامل والمؤثرات بل والتلاعبات التي تنتجها، اي انتقل الهم من انتاج الحقيقة إلى التعرف على مجمل العلاقات الخفية وبنى الروابط ومنطق الممارسات التي تنتظم بها خطب المعرفة، وهو ما عبّر عنه فوكو بالابستمية، وإلى اعتبار خطاب الحقيقة نتاج التقاطع والتلاقي بين جملة علاقات وروابط وسلطات وممارسات وضغوط وتلاعبات واخفاءات. انتهى العقل من كونه جوهراً تنتظم فيه الحقيقة الكلية والشاملة والابدية، إلى مجرد نص يمكن التموضع داخله عبر تفكيك دريداً للكشف عن توتراته الداخلية وفضح تناقضاته الذاتية. لم يعد هنالك فكر متجانس او متماسك، بل اصبح هنالك خطاب حقيقة يحتضن بداخله قوى متنافرة قادرة على تقويضه وتجزئته، لتجعله آخر المطاف يفكّك نفسه بنفسه ويسقط ذاته بذاته.
ربما كان الدين الذي يتمحور حول العلاقة مع الله ويقوم على معطيات الوحي وقبليات متعالية، يجعله بمنأى عن اية تحولات علمية او اشكالات منطقية، فهو اي الدين نتاج روحي خالص يكوّن روح الشعوب ويجعله متجذرا في ضميرها. مما يجعل الفيلسوف المتسلح بأدوات عقلية عاجزا عن النفاذ إلى اعماق الوعي الديني المتكون من الانفعال العاطفي الشديد والوجد الصوفي وعن اظهار او تظهير الصورة الدينية لان جوهرها متقوم بالمعجزة والعاطفة المتدفقة.
ربما كان كل ذلك صحيحا، الا ان البعد الغيبي في الدين لم يكن يعني وقفية حقائقه واحتجابه وتعاليه على الواقع الإنساني. بل كان الدين دائما في حالة تمظهر واندماج وتكيف داخل الأطر الاجتماعية والبنى الثقافية ونظم التعبير اللغوي والسيميائي. ليس الدين تراث النبي المؤسس او نص الوحي الذي نتلقاه كمؤمنين بهيبة وإجلال فقط، بل هو أيضاً حصيلة التمأسس التاريخية للدعوة الدينية التي تحصل بعد رحيل المؤسس، حيث ينتقل الدين من حالة وعي وجداني والتزام عفوي بالنص، إلى حالة منظمة ومعقلنة للوعي، تحتوي على مجموعة عقائد مشتركة ومبادئ تشريعية وسلوكية وممارسات عبادية جامعة" وعلى اطر تنظم العلاقة بين المؤمنين. يقول ماكس فيبر: الدين نوع خاص من التصرف في المجتمع يتضمن ذلك المجال في تنظيم علاقة الإنسان مع القوى الخارقة، فكل ديانة هي تنظيم بمعنى ما يتضمن ادوارا متمايزة وتراتبية بين هذه الادوار.
تأسس وتمأس الدين يفرض تموضعه في المجتمع، ليصبح جزءا من شبكة السلطة وقوى الضغط وجماعات المصالح وبنى الوعي والثقافة ومنظومة القيم، وتصبح هذه جميعا جزءا من تكوينه ايضا، بحيث تكون مجتمعية الدين من صميم منظومة الدين نفسه. فحين يخلق الدين مواقع اجتماعية وتراتبيات داخلية فيه وتمايزات خاصة لممثليه، نراه يعمل على تقديس تلك الإجراءات، ليصبح الانتظام الاجتماعي جزءا من المقولة الدينية، ويكون التقيد بالتراتبيات المنشئة داخل الدين شرطا من شروط الوفاء بالإيمان وضرورة من ضرورات قبول الأعمال عند الله. وحين يفرض الدين معتقداته في المجتمع، فانه لا يفرضه من باب الدليل العقلي او المتانة المعرفية، بل يستعين بقواعد الإلزام التي يولدها المجتمع حول معتقداته وقيمه، ويستند إلى قوة الإجماع التي توفر وضوحا ذاتيا للأفكار وباعثا طوعيا على الالتزام بالمعتقدات الدينية. وهذا يفسر مقولة الغزالي: "الإجماع أعظم أصول الدين".
لذلك لم يمنع الغيب الدين من ان يكون ميدان فعالية إنسانية. فالمعرفة الدينية ليست نصا وحيا بل هي حالة تلق وتفاعل مع هذا الوحي ونشاط تأويل وتفسير لهذا النص، وإعادة إنتاج مستمرة لحقائقه في ساحة الاجتماع والسياسة والاقتصاد. ليس المعنى الديني فكرة أتلقاها من النص بل هو حصيلة جدل وصراع وتركيب بين ذات قارئة محملة بمسبقات مكثفة وهواجس متداخلة ومعقدة وبين نص تتركز فيه الدلالات وتتداخل فيه عوالم الغيب والشهود. فالنص كما يقول بول ريكور أشبه بقطعة موسيقية والقارئ أشبه بعازف الاوركسترا الذي يطيع تعليمات التنغيم. وبالتالي ليس فهم النص مجرد تكرار للواقعة الكلامية التي أنشأت النص، بل هو توليد لواقعة جديدة تبدأ من النص الذي تموضعت فيه الواقعة الأولى. وكما يقول ايمانويل كانط نحن نخلق بنسبة النصف ما نحن ندركه، كذلك فان القارئ لا يتأمل نصا بحيث يكون هنالك معنى ولكنه يجلب إلى النص ادراكاته وتفضيلاته الخاصة.
تبين ان هناك ذاتا فاعلة وراء قواعد العقل ووراء المعنى الديني ايضا، وان مفهوم كل من العقل والدين والعلاقة بينهما ما هي الا انعكاسات لواقع انتجه ومرآة لصورة اكونها عن ذاتي. انتهى العقل نصا أتموضع في داخله لأكتشف تلاعباته وايداعاته وتناقضاته وانتظاماته، وانتهى المعنى الديني ايضا جدل ذات مع نص كونته شروط متعالية واستثنائية. أصبح العقل والدين معا ميدان تأويل يشبع به الإنسان سعيه الدائم إلى المعنى ويصنع به ذاته وحقيقته ويبني به تجربته في العالم والوجود.
نشكر [align=center]اختيارك فهو حقا يستحق القراءة و النقاش[/align]
[/align]
[/align]



التعديل الأخير تم بواسطة رشيد برادة ; 12-24-2007 الساعة 11:35 AM
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد مواضيع قسم «۩۞۩-المـنـتـدى الـــعــــام-۩۞۩»

ارجو ان يكون ردك على الموضوع بصيغه جميله تعبر عن شخصيتك الغاليه عندنا يا غير مسجل

الدين والعقل



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وفاة الفنان نور الدين بكر عن سن 70 عاما رشيد برادة «۩۞۩-منتدى صور وأخبار الفنا نيـن -۩۞۩» 0 09-02-2022 10:46 PM
الالتزام بقواعد الدين الحواط «۩۞۩-الـقـسـم ألإسـلامـي-۩۞۩» 2 04-08-2020 12:13 AM
القلب والعقل ... والروح والنفس رشيد برادة «۩۞۩-المـنـتـدى الـــعــــام-۩۞۩» 2 01-22-2015 02:07 PM
نور الدين النيبت رشيد برادة «۩۞۩-منتدى الرياضة العامة -۩۞۩» 2 10-11-2012 11:34 PM
الحب في الدين الاسلامي ندى «۩۞۩-الـقـسـم ألإسـلامـي-۩۞۩» 5 01-29-2010 01:32 AM


بحث قوقل
 

الموقع غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء فعلى كل شخص تحمل مسؤلية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق وإعطاء معلومات موقعه المشاركات والمواضيع تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة رأي القلم الدهبي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر ) ::..:: تم التحقق بنجاح هذا الموقع من أخطاءXHTML Valid XHTML 1.0 Transitional


الساعة الآن 05:22 PM