يتبوأ المغرب منزلة متميزة في تاريخ الاستعمار و تصفيته على حد سواء. فقد كان على مر القرون محط الأطماع الأجنبية، لا سيما الأوربية، اعتبارا لموقعه الجغرافي المتميز كهمزة وصل بين إفريقيا و أوربا من جهة، و بين المحيط الأطلسي و البحر الأبيض المتوسط من جهة ثانية. هكذا إذن، شكل احتلال إسبانيا للداخلة بأقصى الجنوب المغربي سنة 1884 فاتحة هذه الأطماع. وعقب ذلك تم عقد اتفاقات سرية بين القوى الأوربية لتوزيع مناطق النفوذ بالمغرب. و في سنة 1912، تم تقسيم المغرب كما يلي:
·منطقة النفوذ الفرنسي بالوسط.
·منطقة النفوذ الإسباني بالشمال بما في ذلك سبتة و مليلية و الجزر المجاورة.
· الإحتلال الاسباني للساقية الحمراء و وادي الذهب و مدينتي طرفاية و سيدي إيفني.
·منطقة النفوذ الدولي بطنجة، حيث عهد بأمرها إلى مجلس يتألف من 12 قوة أجنبية.
لم يتمكن المغرب من الإنعتاق من ربقة الاستعمار إلا بعد مقاومة تحريرية دامت زهاء 43 سنة ، توجت بعقد مفاوضات سياسية مع القوى المحتلة ، وسمحت للمغرب باسترجاع معظم مناطقه المحتلة، تدريجيا، عبر إبرام اتفاقيات دولية بشأنها.
بعد أربعة عقود من ذاك التاريخ، بدأ المغرب مسلسل استرجاع أراضيه بالتدريج عبر اتفاقات دولية متفاوض بشأنها. ففي سنة 1956، أعادت كل من فرنسا و إسبانيا المناطق التي كانتا تحتلانهما، كما عادت منطقة طنجة إلى حظيرة الوطن الأم.
و منذ تلك السنة، و بالنظر إلى استمرار التواجد الاسباني في الثغور الشمالية والمناطق الجنوبية، قرر المغرب و حكومة مدريد العمل سوية و تبني الحوار كوسيلة مفضلة لتسوية النزاع الترابي، تحدوهما في ذلك الرغبة في تطوير علاقات حسن الجوار واستشراف المستقبل. و انبثقت عن هذا التوجه مجموعة اتفاقات تم التفاوض بشأنها عقب صدور توصيات أممية كاتفاق 1958 الذي استرجعت بموجبه مدينة طرفاية، واتفاق 1969 الذي استرجعت بموجبه مدينة سيدي إيفني، و اتفاق مدريد الذي وضع حدا للتواجد الإسباني بالصحراء و كرس عودة الأقاليم الصحراوية إلى حظيرة الوطن الأم ابتداء من سنة 1979.
و تجدر الإشارة إلى أن عقد اتفاق مدريد في 14 نونبر 1975 بين كل من إسبانيا و المغرب و موريتانيا جاء في أعقاب صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية يوم 16 أكتوبر 1975 حول الصحراء، و إعطاء إشارة انطلاق المسيرة الخضراء من قبل صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، و ذلك في 6 نونبر 1975، للتعبير عن مدى تعلق الشعب المغربي باستكمال وحدته الترابية، غير أن الجزائر عارضت هذا المسلسل.
kf`m jhvdodm