لطيفة وزياد اكثر من علامة استفهام تدور في الهواء !!
تفتح المقالة التي نشرت مؤخرا للصحفية ميرنا كرم حول مقابلة "دومنيك حوراني" مع مجلة "الجرس" وتصريحاتها النارية، الباب امام رؤية فنية اقدمها، واتفق فيها مع الزميلة ميرنا في تساءلها، (هل يحق لكبار المغنيين.. التوجه نحو الاغنية السريعة "المبتذلة" ليبقوا في دائرة الضوء؟، وسط تردي حالة الاغنية العربية حاليا، وهل الاغنية السريعة مرفوضة بأي اسلوب تقدم به؟).
فيمكن القول، انه مع انتفاء متعة الاستماع الى اصوات المطربين وترنيماتهم الموسيقية، وتحولها لصالح الاغنيات التي تسوق الجسد واللوك والموسيقى الصاخبة، باتت اذن المستمع "المتلقي" بحاجة لاعادة غسلها من جديد، في ظل التزاحم الكبير واللا مسبوق من قبل اصحاب الفضائيات الي تحتاج الى مساحات من الاغاني "على اختلاف انواعها ومضمونها" لملىء فراغ ساعات البث المطلوبة منها اولا، ولتحقيق رغبة "بعض المشاهدين" الباحثين عن اغنيات الاثارة ورسائل الـ sms. ولا يقتصر الامر على الفضائيات فحسب، انما يمتد الى اصحاب شركات الانتاج الكثيرة، التي دخلت الى السوق الفني، ليس من اجل المحافظة على التراث الغنائي العربي الكبير، بل لمنافسة نظيراتها وجلب اكبر عدد من المشاهدين بعدة وسائل ليس اولها رسائل الـ sms ولا اخرها المسابقات الضحلة ثقافيا ومعرفيا. ووسط هذا الخضم الكبير، بقي "المتلقي والملقي" على طرفي المعادلة، فالمتلقي والمتمثل بالجمهور ينقسم الى اكثر من شريحة، منها الباحث عن الاغنية الطربية، ومنها الراغب بالمزيد من الغي الغنائي المتمثل بالاغنيات الراقصة عديمة المضمون "كلاما ولحنا واداءً" والتي تسّوقها الآلات الموسيقية الغربية الممزوجة بطريقة غير مدروسه في ثنايا اللحن. واما الملقي والمتمثل في "المطرب، المغني، المؤدي"، فيختلف حاله، فمنه من يفضل الحفاظ على نفسه بذوقه الغنائي واختياراته الموسيقة "التي لا تلقى رواجا"، ومنه من يحمل السلم من المنتصف، مقدما اغنيات تجمع الكلمة الرصينة واللحن الممزوج بالايقاع في بعض الاغنيات ليصل الى شريحة الشباب، واغلب هذا الصنف من المطربين الذي لهم سنوات طويلة في الساحة الفنية ويضطرون لذلك ليبقوا اسماؤهم في الساحة، وهنالك صنف "الغالبية منهم" يلجأؤن لاغنية السوق الحالية المتمثلة بالتركيز على الايقاع واكبر كم من الفتيات "الموديل" في الكليب، بغض النظر عن محتوى الكلام او مناسبة اللحن له او لفكرة التصوير، والهدف من ذلك ضمان الانتشار السريع بين الجمهور. ومقولة "الجمهور عايز كده"، كل فنان يفهمها على طريقته، فمنهم من يوظفها من اجل ان يقدم للجمهور فنا راقيا يرتقي بالاثنان معا، ومنهم من يوظفها "حسب مفهومة" نحو ان الجمهور مل من الاغنيات الطويلة، ويبحث عن الاغنيات التي "تفرفشه" و"تروشنه" و"تدغدغه". ما يعنينا في هذا المقام اكثر.. ظاهرة اتجه اليها معظم الفنانيين الكبار على الساحة، والذي مضى على تواصلهم باغنياتهم مع الجمهور عقد من الزمن او اكثر، ولذلك يبدو ان توجههم نحو اغنية السوق "السريعه بالمفهوم الحالي" بات ضروريا لبقائهم في دائرة الضوء، فمنهم من نجح باختيار اغنية بكلام ولحن سريع دون ابهار، ومنهم من سقط في مستنقع الشباب الجدد، حتى وان تعامل مع اسماء فنية لها وزنها على الساحة. وهنا سنستعرض نموذجين غنائيين.. (اولهما) متمثلة بالفنانة اصالة نصري التي قدمت اغنيات سريعة باللحن والكلام، كاغنية "اكثر من اللي انا بحلم بيه" ذات الايقاع السريع والمقطع القصير في الكلام، دون تقديم اسفاف في معاني الاغنية، او ابتذال في الصورة المرافقة للفيديو كليب، وان كانت هكذا اغنية لا تعبر بشكل واسع عن مقدرات اصالة الغنائية من ناحية مساحة صوتها والقرار والجواب فيه، الا انها في هذه الاغنية خلقت موازنه بين مفهوم العرض والطلب في الساحة الغنائية العربية. (ثاني) النماذج هنا.. يتمثل في صوت الفنانة لطيفة التونسية، صاحبة الصوت الجميل والقدرات العالية، فضلا عن مواقف الفنانة الانسانية والفنية الكثيرة، التي تجعل منها نموذجها ومثالا يحتذى به، ولكن لطيفة في البومها الاخير قدمت عملا غنائيا بعيد كل البُعد عن النموذج الفني التي عرفت به، متمثل في اغنية "بنص الجو" التي صاغ كلماتها ولحنها زياد الرحباني، واخراجها ككليب سعيد الماروق، ففي هذه الاغنية حاولت لطيفه ان تقترب من اسلوب السهل الممتنع الذي ميز تعامل الفنانة الكبيرة فيروز مع الاغنيات التي يقدمها لها والدها زياد، من جهة، ومن جهة اخرى فشلت في التعاطي كصوت مع كلمات ركيكه ذات مضمون اعرج كـ "بنص الجو بطفي الضو بصير الجو يرعبني/ مهو لو بخلي الضو بصير الجو يعجبني"، وترافق ذلك مع ظهورها "لطيفه" في الكليب في ملهى ليلي وسط موسيقى صاخبة وموديلات راقصة اصبغت على الاغنية بعدا آخر من الركاكة المقصودة، وكانت هذه الاغنية نموذجا صارخا من"لطيفة" واول درجة لها في سلم البقاء في الضوء، ولو باعمال تخلو من القيمة، وقد تكون "لطيفة" لجأت في هذه الاغنية لاسم كبير كـ "زياد الرحباني"، للتملص من تهمة الانجرار وراء متطلبات السوق، لكنها لم تعلم ان تلك الاغنية قد وضعت الف خط والف علامة استفهام تحت اسمي زياد ولطيفة معا.
g'dtm ,.dh] h;ev lk ughlm hsjtihl j],v td hgi,hx !!