القلم الذهبي - علم من بلادي . الدكتور عبد السلام الهراس

[gdwl] علم من بلادي

الشيخ الدكتور عبد السلام الهراس

ولد بمدينة شفشاون في أقصى شمال المغرب سنة 1930
ودرس بها تعليمه الأولي، عايش خلالها ملاحم المقاومة ضد الاستعمار الإسباني والفرنسي
وساهم فيها، قبل أن يرحل إلى القرويين بمدينة فاس لاستكمال دراسته
ومنها إلى المشرق العربي..
يقول بأسبوعية المحجة عن قصة هجرته إلى المشرق العربي:
«كنا نطلب العلم للعلم لنصبح علماء أدباء كتابا خطباء شعراء، شيئا ذا قيمة لوطننا
حتى أنه عندما أتيحت لنا الفرصة لنلتحق معلمين بالمدارس الابتدائية بالمنطقة السلطانية
بأجرة مغرية لم نستجب لهذا الإغراء بل آثرنا مكابدة طلب العلم مع شظف العيش
على أن نلتحق بوظيفة معلم بأجرة تصل إلى 200 درهم تقريبا و
هي أجرة تكفل لنا العيش في رفاهية وتساعدنا على الزواج ومساعدة الأسرة..»
هاجر الدكتور الهراس إلى القاهرة بتشجيع من والدته التي قالت له رحمهما الله:
«نحن وهبناك لله لا للمال، فعندنا الكفاف والحمد لله..اذهب يا ولدي حيثما رأيت الفائدة
فأنت في سبيل الله…
درس بالكلية الشرعية ببيروت بلبنان، كما عاش فترة بالقاهرة ودمشق،
التقى خلالها بعبد الكريم الخطابي وغيره من كبار المصلحين في العالم العربي والإسلامي..
ويرجع له الفضل في تعريف العالم العربي بكتابات المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله
حيث عاش معه في القاهرة وبيروت ودمشق..
كان المفكر الجزائري مالك بن نبي يكتب باللغة الفرنسية،
وكان عبد السلام الهراس يتقن اللغة الفرنسية،
غير أن ظروف الهجرة لم تكن تسمح له بالانكباب على ترجمة أعمال كبيرة..
في تلك المرحلة كان الدكتور عبد الصبور شاهين رحمه الله قد خرج من السجن
على عهد جمال عبد الناصر، وقامت السلطات المصرية بالتضييق عليه،
وكان عبد السلام الهراس يعرف محنته فاقترح عليه ترجمة كتب مالك بن نبي
وسعى إلى تنظيم أول لقاء للتعارف بينهما ..
ومنذ تلك الفترة توطدت صلاته بكبار العلماء في العالم الإسلامي
وظل حاضرا في مختلف اللقاءات والمؤتمرات العالمية
ذات الصلة بالعمل الخيري والدعوي والعلمي.
حصل عبد السلام الهراس على دكتوراه الدولة من كلية الآداب بجامعة مدريد سنة 1966م،
حول الأدب الأندلسي وكان من الأوائل الذين حصلوا على هذه الشهادة في المغرب.
انتمى إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1968.
وأخذ على نفسه الانخراط في المشاريع الفكرية والجمعوية
الهادفة إلى خدمة الصالح العام وانتشال ابناء الأمة من وهاد الضلالة والجهل .
فأسس العديد من الجمعيات ومنها جمعية العمل الاجتماعي والثقافي في المغرب
التي ظل رئيسا لها إلى أن وافته المنية .
كما ترجم جملة من امهات الكتب إلى اللغة العربية وألف ودون وحاضر
ونشر وشارك في ملتقيات وندوات وموائد بمختلف المحطات الفكرية العربية والأجنبية .
وهو بذلك فتح مدرسة جديدة في الفكر الاسلامي والتكوين والتأطير الدعوي ،
مازالت دواليها مثمرة وقطوفها دانية إلى اليوم ،
وسيبقى هو رمزا من رموزها
حيث ربى أجيالا وأجيالا من رجال ونساء الدعوة والفكر الاسلامي بالمشرق والمغرب .
رحل عنا ـ رحمه الله ـ إلى دار البقاء يوم الجمعة 20 شباط/فبراير بفاس،
وكانت جنازته جنازة مهيبة حضرها جمهور كبير من المشيعين مغاربة وأجانب

الحواط

.
[/gdwl]